فاتك بن فهر

لا بد من الحداثة لمواكبة العصر
فاتك بن فهر: الاسم المستعار "للشعراء" ليس له ما يبرره



هو أحد رموز الشعر في عمان والخليج العربي وقد استطاع بكلماته المغناة الخروج من نطاق المحلية إلى العربية.. حاورناه فأجاب بكل صراحة وسعة صدر.. تحدث عن القصيدة والأغنية وأسباب معاناة الكتاب والفنانين ووجهة نظره فيهما والحل الذي يراه للخروج من الإطار الذي تعيشه والانعزالية إن صح التعبير إلى آفاق أرحب للانطلاق بقوة ومسايرة ما يتحقق في دول الخليج الأخرى وعن ديوانه الأخير وقضايا أخرى,, فكان هذا الحوار الصريح مع الشاعر سمو السيد فاتك بن فهر آل سعيد..


- نديم السويق فاتك بن فهر هذا الاسم يدعونا لسؤالكم عن الاسم المستعار ولماذا يلجأ إليه بعض الشعراء؟
* في رأي الشخصي أن الاسم المستعار بالنسبة للأخوات الشاعرات ربما يكون مقبولا نظراً لظروف الحياة الاجتماعية والبيئة لا تسمح لها بإشهار اسمها أما بالنسبة للشعراء فأعتقد بأن ليس ما يبرره للاختفاء خلف اسم مستعار وهناك من قرن المستعار باسمه الحقيقي مثل سمو الأمير خالد الفيصل"دايم السيف" والأمير عبدا لعزيز بن سعود "السامر" وهناك عدة أمثلة لشعراء لم يختفوا خلف الاسم المستعار وبالنسبة لاسمي فهذا الاسم مرتبط ببيئتي ولم أختره بل لقبت به.


- قرنتم الاسم المستعار بالاسم الحقيقي ولكن البعض يكتفي بالمستعار لفترة طويلة ومن ثم يفصح عن الاسم الحقيقي.. ألا ترى سموك أن في هذا ضياعاً لبعض الحقوق الأدبية؟
* كما ذكرت هناك من يلجأ للمستعار ربما لأسباب شخصية ولكن في الأخير لابد من ظهور الحقيقي على الساحة الأدبية حتى لا يكون هناك التباس وثمة على ما أذكر قضية في دولة الإمارات فقد غنى فنان أغنية لشاعرة ومن ثم اتضح أنها لشاعر آخر وأثيرت حولها ضجة والسبب ربما في المستعار.


- اختلف الكثير في ما هية الحداثة وثار الجدل حولها .. فماذا تقول عنها؟
* الحداثة لا بد منها لمواكبة العصر والتجديد مطلوب وهي سمة الحياة ولكن الشاعر يجب أن يعيش في أرض الواقع ولا يطلق عنانه في الخيال أو رموز غريبة على القارئ ويطالبه بفك رموزها.


- اتجاه البعض من الكتاب للتغميض في الفكرة والمفردة. هل ترون أن هذا الظاهرة صحية تخدم بناء قصيدة حديثة؟
* في رأيي الشخص لا تخدمها وأنا كشاعر ومتذوق أحب الكلمة السهلة السلسة وإذا كانت أغنية فمن باب أولى لأن المستمع والفنان  لا يحب الغموض الزائد.


- من الذي يبحث عن الآخر .. الشاعر أم الجمهور؟
* سؤالك في محله.. ففي الدول العربية لا الخليجية يبحث الشاعر ولكن من الملاحظ لدينا في دول الخليج وخاصة في عمان العكس فالشاعر هو الذي يبحث عن الجمهور.


- في مقولة للشاعر"أودنيس" يقول "الشاعر الذي ينزل إلى مستوى الجمهور.. شاعر تافه" هل هناك لبس حول معنى هذه المقولة وما هو المستوى المسموح به للشاعر للنزول إلى مستوى الجمهور إذا كان هناك نزول؟
* لا أعتقد يقصدها بمفهومها المباشر فالشاعر له قيمة ويؤدي رسالة وهناك شريحة من الشعراء المميزين لهم مستواهم ويجب أن يظلوا فيه ولكني أعود لأكرر بأن الشاعر ملك للجمهور في نهاية المطاف.


- لماذا ولمن نكتب الشعر أو ماذا يعني الشعر لكم؟
* الشعر مخرج لأي شاعر يمر في حالة أو معاناة ذاتية أو اجتماعية أو رياضية أو غيرها ليصب مشاعره في قوالب شعرية لكي يوصلها للآخرين وربما وجد من يتوافق معها وله نفس الإحساس.


- ابتعد كثير من الشعراء في الوقت الحالي عن شعر الحكة وقضايا المجتمع.. فما هو السبب في ذلك؟
* كما تعلمون أن أجدادنا ومن سبقنا في الشعر كانوا في بيئة مختلفة عن بيئة الشباب وكانوا في أرض الواقع ويتكلمون بلسانه مثل البحر والبادية وهناك من يخاطب السهل والجمل وحتى فنجان القهوة  أما الآن فاتجه الشباب اتجاها أخراً، ومن المؤسف أن القليل منهم يتحدث عن قضايا المجتمع، ومجتمعنا ولله الحمد بخير ولكن هناك بعض الأمور يجب على الشاعر التطرق إليها.


- نراك مقلاً في الاهتمام بالأغنية من خلال ندرة التعامل مع المطربين في الخارج.. لماذا وهل هناك تعاون مع فنانين من خارج السلطنة؟
* غير صحيح.. هناك عدة فنانين في الساحة الخليجية سوف تظهر لي أعمال معهم مثل فنان العرب محمد عبده والفنانة رجاء بلمليح وهناك اتصال مع الفنانة رباب لتعاون قادم ومن السلطنة هناك محمد المخيني والذي انتهى من تسجيل ألبومه الجديد في القاهرة ولي به أغنية بعنوان"حمام الدوح"


- مجلس الشعر الشعبي.. سبق وأن طرحت هذا التساؤل عليكم ولكن الكثير يتساءل عنه..هل انتهى هذا الحلم أم أن النار لا تزال تتقد تحت الرماد؟
* موت المجلس بأيادي الشعراء وحياته بأياديهم أيضاً وأنا مستعد لمعاودة الدعم إذا وجدت النية الصادقة للعمل على تفعيل دوره.


- إلى أي مدى يجب أن يرتبط الموروث بالشعر؟
* في الحقيقة يجب أن يكون بينهما ارتباط لأنه هوية المجتمع والشاعر ونحن في السلطنة مثلاً لدينا كم هائل من الموروث الشعبي الذي يمكن للشعراء والفنانين وغيرهم أن يستعينوا به وإذا أهمل فسنكون في ضياع مثل قارب تتلاطمه الأمواج وسنكون في دوامة وبلا هوية.


- "هودج الليل الستير" المجموعة الشعرية لسموكم بعد عدة إصدارات وشرفتني بإعداده ويوزع حالياً في الأسواق من خلال الجمعية العمانية لرعاية الأطفال المعوقين.. هلاً تحدثنا عن هذه المجموعة وهل هناك إصدار قادم؟
* هذا الديوان جمع معظم قصائدي الشعرية منذ بداياتي وأقول بأنني في بدايتي تسرعت بإصدار دواوين شعرية لم ترق للمستوى حتى أن الأول والثاني والثالث لم أكن مرتاحاً لها لكوني شاباً ومتسرعاً ويريد إصدار ديوان وأقول  للآخرين يجب التريث ودراسة أي إصدار إن كان شعرياً أو قصصياً أو ما شابه وهذا الديوان احتوى معظم قصائدي الحديثة ووردت به أخطاء ولكن الطبعة الثانية ستكون أفضل من الأولى وسيكون هناك إصدار آخر ولكن يجب التريث ومعرفة مدى الإقبال على الحالي ومن ثم الخروج بأفكار أخرى لتطوير القادم ليكون أفضل.


- لجنة تقيم نصوص الأغنية العمانية والتي تترأسها سموك.. يشتكي بعض الفنانين من أنها حجر عثرة في طريق الأغنية العمانية ومضيعة للوقت من خلال التأخير في إجازة النصوص والتعديل فيها ويطالبون بإلغائها.. ما هو ردكم على هذا الادعاء؟
* أنا لو كنت مكانهم ولم أكن باللجنة لقلت نفس الكلام ولكن لو كانوا وسط هذه اللجنة لعرفوا الحقيقة واللجنة كونت لترقى بمستوى الكلمة والأغنية العمانية وإلا سنرى أعمالاً لا ترقى للمستوى المطلوب والمؤسف ما نشاهده من أغنيات والكم الهائل من المطربين الجدد وليست كل كلمة تكتب تغنى ولكن بعض الكتاب والملحنين والفنانين اعتبروا الأغنية مادة لأننا نعيش في عصر المادة أما من ناحية أنها مضيعة للوقت فهذا ليس صحيحاً فكم من الأغنيات التي أجيزت وصار لها تعديل من خلال هذه اللجنة وفي الأخير يقتنع الشاعر والفنان وأقصد الشاعر المبتدئ لأنه ترد بقصائده بعض الكلمات الركيكة واختلال الوزن ويجب على الشاعر أن تكون أذنه موسيقية وإلا لن يكون شاعراً.. واللجنة ليست حجر عثرة لتساعدهم لنخرج بأغنية عمانية على مستوى عال وإذا تحدثنا عن أعضائها فإنها مكونة مني كرئيس للجنة وسعادة الأستاذ عبدالله بن صخر العامري الذي يعتبر أب الشعراء العمانيين والشاعر هلال العامري الذي استطاع أن يخرج بالكلمة العمانية إلى العالم العربي بكتاباته المميزة.. وتجد بها المعني بالفنون الشعبية وأيضاً مدير الرقابة وهو معني بالرقابة على الأشرطة والمصنفات الفنية وهؤلاء هم أعضاؤها.


- مهرجان الأغنية العمانية.. ماذا أضاف للأغنية العمانية؟
* من خلال خمسة مهرجانات سابقة نفتخر نحن كلجنة قيمة عليها بأننا أظهرنا عدة فنانين للوجود ولكن من المؤسف أن بعضهم إذا شارك في مرة فإنه يعتقد بأنه ليس في حاجة للمشاركة مرة أخرى لأنه أصبح معروفاً وهذا غرور ودمار للفنان، والفنان ملك الجمهور وأقول وهذا رأي شخصي بأن الإعلام في السلطنة لم يخدم الأغنية وإذا قلنا إن كل مهرجان أظهر عشر أغنيات فإن في الخمسة السابقة خمسين أغنية فأين حق هذه الأغاني من وسائل الإعلام المختلفة ولا أقصد وزارة الإعلام فهي قامت بدورها على أكمل وجه ولكن يجب على الفنانين متابعة أعمالهم وهذا ليس دور اللجنة.


- التجديد في الجمل اللحنية الموروث الغنائي...أيضاً يشتكي بعض الفنانين من رفض اللجنة للتجديد فيه بينما يستغل هذا الموروث من قبل فنانين من خارج السلطنة وبشكل ملحوظ.. فهل ما يقال حول رفض اللجنة للتجديد اللحني صحيح؟
* عمان زاخرة بالموروث الغنائي وهناك كثير من الفنانين الخليجيين نجحوا بأغان من التراث العماني مثل فنان العرب محمد عبده والإماراتي عبدالله بالخير وغيرهما وصلوا بتطوير الأغاني العمانية وإذا كان الفنان والشاعر والملحن عمانياً فلماذا نلجأ إلى الآخرين مع وجود الموروث اللحني وما الذي ينقص الأغنية العمانية في هذه الحالة أما الذي يرقى للمستوى سيرفض بكل تأكيد واللجنة أخيراً تقبل كل ما هو إيجابي لخدمة الأغنية العمانية.


- نقرأ لشعراء من دول الخليج الأخرى بينما لا يقرأ لنا وقد لمست ذلك خلال تجوالي في بعض الدول الخليجية.. فما هو السبب في رأيكم؟
* مثل ما ذكرت العصر عصر المادة والإعلام وإذا كان الإعلام غير موجود لخدمة الشاعر فإن الأخير لو كرس معظم حياته للظهور فلن يصل بدون الإعلام والفنان كذلك وهذا ملاحظ ونحن نلوم ولا نعتب نظراً لبعض الظروف المالية التي يمر بها هؤلاء والحياة صعبة للأدب العماني وإذا لم يخدمه الإعلام فسيبقى في محله.


- وما هو رأيكم في مستوى ساحة الشعر الشعبي وشعرائها في السلطنة؟
* كل ما أستطيع قوله إن الشعراء العمانيين موجودون ولا يقلون مستوى عن غيرهم في دول المجلس ويمكن أن بعضهم أفضل وإذا قرأت لمن سبقنا ستجد مستواهم مميزاً ولكن الإعلام لم يخدمهم والشاعر إذا لم يسع للإعلام وظل حبيس المنزل ستظل كتاباته في طي النسيان.


- يقال إن للشعر الشعبي تاثيراً على اللغة الفصحى ولذلك يحاربه بعض كتاب الفصحى .. فهل ترون أن له هذا التأثير أم  غيرة من تطوره؟
* نحن نرجع للغة الأم والقصيدة الأم وهي الأصل ومهما حاولنا أن نرقى للفصيح فلن نصل والفصحى هي الأساس ولكن كل شاعر عاش في بيئة ما يجد السهولة في التحدث بلهجتها وهذا ليس عيبا بل على العكس وإذا حاول الشاعر الشعبي الاقتراب من الفصحى ستكون كتاباته مفهومة للجميع.


- من من الشعراء تعجبك كتاباته وتقرأ له محلياً وخليجياً؟
* عديدون وهناك شعراء مميزون في دول المجلس وفي السابق قرأت للكثير في شبه الجزيرة العربية وأذكر دائماً الذين عاشوا في أرض الواقع أمثال بديوي الوجدان والزلامي ومحمد عبد الوهاب الفيحاني والأمير محمد السديري، ومن عمان لكثير أيضاً أمثال سالم ولد وزير وبن حاضر وأحمد بن عبدالله وفارس ومن الشباب محمد بهوان ومحمد البريكي وسليمان محسن الرواس وأحمد سعيد المجعلي ومحمد بن سليم وغيرهم.


- كلمة أخيرة لكتاب القصيدة والأغنية..
بالنسبة للكتاب وخاصة الشباب يجب أن يقرأوا ويقرأوا لمن سبقهم في الساحة لأنهم لم يولدوا شعراء وبذلك سيصلون إلى المطلوب الذي يثري الساحة الثقافية بشكل عام.








من مجلة شعر وفن
موقع صوت التراث - الإثنين 11 / 03 / 2013 - 12:31 صباحاً     زيارات 35884     تعليقات 0
عرض الردود
أضف تعليقك